الحوار

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى للحوار الهادف بمفهوم جديد لامكان للمواضيع السطحيه


    ثلاثة محاورفي الخطاب

    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 157
    تاريخ التسجيل : 18/07/2010
    العمر : 36

    ثلاثة محاورفي الخطاب  Empty ثلاثة محاورفي الخطاب

    مُساهمة  Admin الأحد مارس 20, 2011 8:29 pm

    ثلاثة محاور أساسية في خطاب خادم الحرمين الشريفين يوم أمس

    ثلاثة محاور أساسية في خطاب خادم الحرمين الشريفين يوم أمس


    للملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، مكانة كبيرة في نفوس الكثيرين من أبناء شعبه الطيب والمسالم والحريص على حاضر مشرق ومستقبل أكثر إشراقاً، وكان يجب استثمار هذه المكانة لخادم الحرمين الشريفين في توجيه السفينة الوطنية الإصلاحية إلى فنار الرشاد وشاطيء النجاة وتجنيبها مهاوي الردى بدلاً من جعل هذه المكانة الهامة جسراً لتمرير أفكار هي غاية في الرجعية أو استغلال هذه المكانة لإعاقة الإصلاحات الوطنية المنشودة التي شدد عليها النخبويون الوطنيون من كافة الأطياف الفكرية والسياسية.

    صحيح أن هناك كتلاً جماهيرية تختلط عليها الأمور ( أحياناً ) بين الجانب الشخصي حيث محبتهم لملك البلاد كإنسان وبين الجانب المتعلق بالمجال الوطني العام حيث حب الإنسان الغريزي للحق وللإصلاح المتسم بالديمومة خاصة فيما يتعلق بمستقبله وأبناء مجتمعه ، هذه الشعوب، ليست بالضرورة سهلة الإنقياد على طول الخط لمجرد هذا الخلط المؤقت بين الشخصي والعام، لكنها قد ترضخ إلى حين كما يرضخ ذلك الكائن الحي لمادة مخدرة يفيق بعدها ليجد نفسه في قفص أكثر إحكاماً وإغلاقاً فيناضل من جديد من أجل الخلاص منه.

    والمتأمل في خطاب خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لا يجده في الحقيقة قد تعدى ثلاثة محاور أساسية وما عداها ( مثل تصحيح وضع جنود لم تتم ترقيتهم في الوقت المستحق ، أو زيادة قرض العقار بشكل يتناسب مع التضخم الحاصل في العملات العالمية) فهو شكليات تحصل في أي دولة عادية دون الحاجة للنداءات الإصلاحية والمناصحات والوعيد بالتظاهرات :

    المحور الأول في مضمون الخطاب : تكريس الحل الأمني للأزمة الوطنية ، فمن إعلان توسيع دائرة الأمن الداخلي إلى ما يقارب حجم الجيش العربي السعودي أو أكثر ، أي 60 ألف جندي أمني جديد.

    وهذا الحل يمكن قراءته على أنه رفض واضح لأي محاولة إصلاحية تتعلق بمجلس الشورى وانتخابه ، أو القضاء واستقلاله ، أو المجلس التنفيذي ( الوزراء ، وتوابعه ) وفصله عن الملك ، ليكون الملك رمزاً للدولة التي هي رمز الوحدة الوطنية.

    المحور الثاني في الخطاب الملكي : تكريس فكر التمترس خلف رجال الدين هروباً من الإصلاح السياسي لا إليه. ومن المثير حقاً في صياغة الخطاب هو ما ورد من حيثيات ومقدمات تمتدح الشريعة ورجالها والفقه وتلامذته ومجلس فقهي يراد تشكيله ليستقل عن مجالس عالمية إسلامية سببت إحباطاً للزعماء العرب حين دعمت الشعوب ضد الأنظمة ( كما فعل الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين ، ومشيخة الأزهر الشريف ، وغير ذلك من منظمات إسلامية في داخل الوطن الإسلامي وخارجه ).

    إن هذا التمترس يوحي بنزعة جادة إلى تقوية الرأس الديني مقابل الرأس العلماني للدولة الثنائية الرأس — والثنائية هذه أشار إليها المفكر الإنجليزي توماس هوبز في كتابه اللافايثان ( أو التنين ) حيث يصور هوبز الحكومة على أنها ذات رأسين إذا تم قطع أحدهما استطاع الآخر أن يبقي التنين حياً — وعندما أصبحت العلمانية التي يتم ضخها في مؤسسة الدولة من الخارج تعاني من إشكالية أخلاقية وفكرية ، لجأت السلطة إلى تقوية الرأس الآخر عله يبقيها حية بعد أن عجز المثقفون العلمانيون في الدولة حتى من آل سعود أنفسهم عن تقبل هذه الحدة التراثية في إدارة الدولة في القرن الحادي والعشرين ( أرجو الإطلاع على مقابلة الأمير طلال آل سعود الأخيرة مع تلفزيون البي بي سي عربي) فوجدنا الدعوات إثر الدعوات من العلمانيين المقربين للدولة تتكرر بأن الدولة القروسطية يصعب عليها الصمود أمام خطاب عالمي ( شبه متآمر ) على انهاء الإستبداد بالرأي السياسي والإداري في العالم الثالث والعربي بالخصوص. إنها مسألة وقت لينتهي الإستبداد الشمولي ويصبح العالم يعيش عبر صناديق الإقتراع وفصل السلطات والشفافية في المحاسبة والحث الدؤوب على عدالة إجتماعية ومكافحة شرسة للعنصرية.

    ويعتبر تحريم نقد سماحة المفتي ، آخر قشة يمكن التشبث بها في بحرٍ متلاطم من النقد الفكري العارم من داخل البلاد وخارجها وهو تحريم بالتالي فاقد لآلية التطبيق العملي فضلاً عن كونه يثير درجة عالية من الإشمئزاز في أوساط المواطنين المسلمين الذين نشأوا وهم يحملون إرثاً يقوم منذ البعثة النبوية المباركة على حرية البوح بالرأي في الكبير والصغير وخاصة في الفضاء السني الذي يسير أبناؤه على منهج النبي الكريم ( استفت قلبك وإن أفتاك المفتون ).

    المحور الثالث والأهم في خطاب الملك : يتجلى رفض بعض أجنحة السلطة للإصلاح الحقيقي والجذري ، وذلك في اقتراح هيئة لمكافحة الفساد يرأسها أحد البيروقراط وترتبط بالملك مباشرة. وإنني إذ أرحب بهذا الخطوة وأشكر خادم الحرمين الشريفين عليها لأؤكد لمن يهمه الأمر هنا بأنها لن تزيد عن كونها إثبات ميداني لفشل كل محاولة رقابية لا يشرف عليها الشعب ولا يشارك فيها.

    كيف ستراقب حكومة على نفسها وهي عاجزة حتى عن فصل السلطات الثلاث عن بعضها والموازنة بين القوى الثلاث ( التشريعية ، والقضائية، والتنفيذية) .

    وبالرغم من أن هيئة كهذه تشبه ذلك الجنين الذي يولد ميتاً ، فإنها مهمة هذه الأيام لإقناع بعض المقاومين للإصلاح الذي تنادي به النخب الفاعلة وليتأكدوا بأنه مهما أنشأنا من مؤسسات النزاهة فإنها ستكون شبيهة بأخواتها ( كديوان المظالم ، والمراقبة ، والهيئات الوطنية الأخرى ) التي لا يعيقها سوى عدم ربطها بكيان عصري قابل للشفافية والمحاسبة وفوق هذا كله إشراف الشعب عليها مباشرة....

    هذه المحاور الثلاثة التي كان أولها بمثابة إعلان ( جهاز أمن الدولة/ الأمن المركزي ) والثاني إعلان (ولادة هيئة دينية مقدسة) حتى على النقد الذي لم يتعال عليه الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان ، والثالث هو ( وضع هيئة دمية) لا فعل لها إلا على مستويات عادية لا تسمو أبداً لمراقبة الفساد الفلكي الذي ينخر في نخاع البلاد والمصلحة الوطنية ويهدد بتحطيم آمال أبناء الشعب.

    أسأل الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين ومن يريد الإصلاح معه لانتشال بلادنا من براثن الرجعية والخواء السياسي الذي لا يحافظ على المكتسبات بقدر ما يسعى للهروب من الإصلاح بإصلاح بديل مؤقت وعديم الجدوى.

    وشكراً لإصغائكم جميعاً

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 7:26 am