رحمك الله يا أسامة بن لادن
عندما تكتب عن بن لادن – رحمه الله – فأنت تفكر كثيرا لأن كل كلمة محسوبة عليك، ولأنك لم تخرج برأي نهائي بعد..تكتب ثم تحذف ثم تفكر، ثم تقرر الكتابة من جديد!
قد نختلف أو نتفق حول فكر وعمليات بن لادن، وقد نتفهم فرح الأمريكيين العاديين ـ الذين اكتووا من ضربة مانهاتن وهذه مشاعر إنسانية مشروعة ـ والإسرائيليين والحكام العرب، لكن لا نستطيع أن نتفهم شماتة العرب في الموت وفرحهم ، فنحن لا نستطيع أن نفرح لفرح الأمريكيين والإسرائيليين والحكام العرب معا! فهم ليسوا أصدقاءنا ولا أحبابنا، ومشاعرنا ليست مبرمجة عل دقات ساعة الفرح والحزن الأمريكي!
ربما لم يؤثر فينا موت بن لادن أو نتوقف عنده كثيرا لأننا نعيش في زمن مليء بالأحداث المتتالية، وفي زمن بات الإنسان العربي يستعيد فيه جزءا من كرامته المهدورة.
عندما خرج بن لادن كنا ننتظر أملا في زمن اليأس وكنا ننتظر كلماته ربما لنقنع أنفسنا أننا لا نزال أمة على قيد الحياة تقاوم ولم تستسلم بعد.
ينسى كثيرون أن أمريكا احتلت بلدين وقتلت مليون عراقي وأفغاني وعذبت الآلاف في أبو غريب وباغرام وغوانتنامو وأخواتها، جراء مقتل ثلاثة آلاف أمريكي، وينسى كثيرون أن بن لادن ضرب أمريكا المنحازة في أتون الانتفاضة الفلسطينية الثانية عندما كان الفلسطينيون يصرخون ويستغيثون من شدة الألم وعندما كان مبارك يدير منتجع شرم الشيخ السياحي!
ينسى كثيرون أيضا وكعادتهم أن الأنظمة العربية لاحقت ـ ولا تزال ـ المعتدلين الإسلاميين وحرمتهم من حقوقهم وحرياتهم وزجت بهم في السجون، ليتحول بعضهم لاحقا إلى "متطرف" أو "إرهابي" وفق التعريف الأمريكي/ الإسرائيلي. هل نلوم من يسمون "متطرفين أو إرهابيين" الآن، أم نلوم الأنظمة العربية والعدوان الإسرائيلي والانحياز الأمريكي الذي لم يترك خيارا لأي معتدل وعاقل!
لا تزال أمريكا تواصل سياسة الاستحمار والاحتقار للعقل العربي الذكي..تقتل بن لادن وتطير به من باكستان إلى أمريكا وتفحص الدي أن أيه وتعود به في ذات اليوم لتقذف جثمانه في بحر العرب! كل ذلك في يوم واحد! ثم تزعم أنها لم تجد بلدا عربيا يستقبل جثمانه أو لم تملك الوقت اللازم لإجراء الاتصالات اللازمة لفحص إمكانية دفنه، وكأنها على عجل من أمرها! سبحان الله على العجلة وسبحان من سمح لأمريكا تحديد مدافننا!
بن لادن كان عنوانا لحركة "لا" العالمية في زمن "النعم" والتنعيم والتبويس العربي!
من حقنا أن نحزن على بن لادن في زمن لا يستطيع الآخرون وحتى أفراد عائلته من التعبير علنا عن حزنهم على استشهاده! ومن حقنا أن نحترم رحلة أسامة بن لادن ونتفهمه، ونترحم عليه كذلك!
عامر العظم